سورة يس - تفسير تفسير الثعالبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يس)


        


قوله تعالى: {إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما} قال وهب اسمهما يوحنا وبولس وقال كعب صادق وصدوق {فعززنا بثالث} يعني قوينا برسول ثالث وهو شمعون وقيل شلوم وإنما أضاف الله تعالى الإرسال إليه لأن عيسى عليه الصلاة والسلام إنما بعثهم بإذن الله عز وجل: {فقالوا} يعني لم يرسل رسولاً {إن أنتم إلا تكذبون} يعني فيما تزعمون {قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون} يعني وإن كذبتمونا {وما علينا إلا البلاغ المبين} أي بالآيات الدالة على صدقنا {قالوا إنا تطيرنا بكم} أي تشاءمنا منكم وذلك لأن المطر حبس عنهم فقالوا أصابنا ذلك بشؤمكم {لئن لم تنتهوا} أي تسكتوا عنا {لنرجمنكم} يعني لنقتلنكم وقيل بالحجارة {وليمسنكم منا عذاب أليم قالوا طائركم معكم} يعني شؤمكم معكم بكفركم وتكذيبكم يعني أصابكم الشؤم من قبلكم وقال ابن عباس حظكم من الخير والشر {أئن ذكرتم} معناه اطيرتم لأن ذكرتم ووعظتم {بل أنتم قوم مسرفون} أي في ضلالكم وشرككم متمادون في غيكم.
قوله عز وجل: {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى} هو حبيب النجار وقيل كان قصاراً وقال وهب كان يعمل الحرير وكان سقيماً قد أسرع فيه الجذام وكان منزله عند أقصى باب من أبواب المسجد وكان مؤمناً ذا صدقة يجمع كسبه فإذا أمسى قسمه نصفين نصف لعياله ويتصدق بنصفه فلما بلغه أن قومه كذبوا الرسل وقصدوا قتلهم جاءهم {قال يا قوم اتبعوا المرسلين} وقيل كان في غار يعبد ربه فلما بلغه خبر الرسل أتاهم وأظهر دينه وقال لهم أتسألون على هذا أجراً قالوا لا فأقبل على قومه وقال يا قوم اتبعوا المرسلين.


{اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون} أي لا تخسرون معهم شيئاً من دنياكم وتربحون صحة دينكم فيحصل لكم خير الدنيا والآخرة فلما قال ذلك قالوا له أو أنت مخالف لديننا ومتابع دين هؤلاء الرسل ومؤمن بإلههم فقال {ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون} قيل أضاف الفطرة إلى نفسه والرجوع إليهم لأن الفطرة أثر النعمة وكانت عليه أظهر والرجوع فيه معنى الزجر فكان بهم أليق وقيل معناه وأي شيء بي إذا لم أعبد خالقي وإليه تردون عند البعث فيجزيكم بأعمالكم {أأتخذ من دونه آلهة} أي لا أتخذ من دونه آلهة {إن يردن الرحمن بضر} أي بسوء ومكروه {لا تغن عني} أي لا تدفع عني {شفاعتهم شيئاً} أي لا شفاعة لها فتغني عني {ولا ينقذون} أي من ذلك المكروه وقيل من العذاب {إني إذاً لفي ضلال مبين} أي خطأ ظاهر {إني آمنت بربكم فاسمعون} أي فاشهدوا لي بذلك قيل هو خطاب للرسل وقيل هو خطاب لقومه فلما قال ذلك وثب القوم عليه وثبة رجل واحد فقتلوه. قال ابن مسعود ووطئوه بأرجلهم حتى خرج قصبه من دبره وقيل كانوا يرمونه بالحجارة وهو يقول اللهم اهد قومي حتى أهلكوه وقبره بأنطاكية فلما لقي الله تعالى: {قيل} له {ادخل الجنة} فلما أفضى إلى الجنة ورأى نعيمها {قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} تمنى أن يعلم قومه أن الله تعالى غفر له وأكرمه ليرغبوا في دين الرسل فلما قتل غضب الله عز وجل له فعجَّل لهم العقوبة فأمر جبريل عليه الصلاة والسلام فصاح بهم صيحة واحدة فماتوا عن آخرهم.


قوله تعالى: {وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء} يعني الملائكة {وما كنا منزلين} أي ما كنا لنفعل هذا بل الأمر في إهلاكهم كان أيسر مما تظنون ثم بيَّن عقوبتهم فقال تعالى: {إن كانت إلا صيحة واحدة} قال المفسرون أخذ جبريل بعضادتي باب المدينة وصاح بهم صيحة واحدة {فإذا هم خامدون} أي ميتون {يا حسرة على العباد} يعني يا لها حسرة وندامة وكآبة على العباد والحسرة أن يركب الإنسان من شدة الندم ما لا نهاية له حتى يبقى قلبه حسيراً قيل تحسروا على أنفسهم لما عاينوا من العذاب حيث لم يؤمنوا بالرسل الثلاثة فتمنوا الإيمان حيث لم ينفعهم وقيل تتحسر عليهم الملائكة حيث لم يؤمنوا بالرسل وقيل يقول الله تعالى يا حسرة على العباد يوم القيامة حيث لم يؤمنوا بالرسل ثم بين سبب تلك الحسرة فقال تعالى: {ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون} قوله تعالى: {ألم يروا} أي ألم يخبروا خطاب لأهل مكة {كم أهلكنا قبلهم من القرون} أي من الأمم الخالية من أهل كل عصر سموا بذلك لاقترانهم في الوجود {أنهم إليهم لا يرجعون} أي لا يعودون إلى الدنيا أفلا يعتبرون بهم {وإن كل لما جميع لدينا محضرون} يعني أن جميع الأمم يحضرون يوم القيامة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5